الوطن

الوطن

الوطن يعيش المرء بين أهله وأصدقاءه وأقاربه، يعيش في مدينته، ويذهب إلى عمله، يحقق ذاته ورفعة المكان الذي يعيش فيه، يأمل أن يصبح هذا المكان أفضل وأفضل، ويعمل على تحقيق ازدهاره وتقدمه ويحافظ عليه. يؤمن به وينتمي إليه، ينتمي لأهله وثقافته واسطورته الخاصة، ينتمي لأرضه وسمائه، ينتمي للغته و جنسيته، ينتمي لترابه ومائه، ينتمي لفكره ومكانته بين الدول. هذا المكان هوالوطن. الوطن هو من يحتضنك من بداية حياتك، الوطن هوالروح الأخرى التي تعيش بداخلك، هو الأب الأكبر لنا جميعاً، الوطن هو الشجرة التي نستظل بظلها حين تشتد علينا شمس النهار. الوطن هو دفئ النفس في برودة الدهر، الوطن ليس بقعة جغرافية بتغيرها تتغير الأزمان، الوطن هو حيث تكون بخير، الوطن حيث تشعر بالسعادة، الوطن حيث يستبد بك الوقت في صنع الذكريات والغربة أن تستبد بك هذه الذكريات. الوطن حيث تعيش بأمان، الوطن حيث تعيش بسلام، الوطن حيث تكون البشرية كلها في حالة تعايش ورضى، الوطنن حيث تكون الأسلحة مجرد معادن صدئة أكل عليها الدهر وشرب. الوطن حيث لا مكان للغرباء، أولئك الذين يعيثون فساداً في أمنه واستقراره وحب أبناءه ومودة جيرانه وأخوة أهله. الوطن ليس حيث تكون عظام الأولين، الوطن حيث تكون بقايا العاشق، الوطن حيث يدوي رصاص الثائرين، الوطن أينما حلَّ السلام والمسرة بين الناس. لوطن لا ينسى ولا يموت. الوطن لا يجور على أبناءه، الوطن يعيش فينا مهما عشنا، ولا يموت إن متنا، فحياتنا ومماتنا فداء له، نبذل من أجله ما ملكنا وأنفسنا وأبناءنا. من عاش في وطنه سيدرك كم أن الحياة كريمة لأنها منحته انتماءً، فمن لا وطن له لا اسم له، لا عنوان له، لا قلب له. أولئك من اضطروا لترك أوطانهم وهجرها لم يهجرهم الوطن، ولم يتركهم، عاشوا في كل يوم على أمل الرجوع إليه، يتمنون أن يعودوا بين أهليهم وذويهم وترابهم. الوطن لا يتركهم وحيدين، بل يعيش في داخلهم، يثير حنينهم ويستجديهم أن يعودوا إليه، لا يهنأوون بعيشهم ولا بالمراكز التي تحصّلوا عليها لأنها لم تساهم في رخاء وطنهم، الأوطان ديار الأحبة، وديار العيش السعيد وديار الرخاء والإخاء. قد لا نجد انتماءً لإنسان أكثر من انتماء رسولنا الكريم حين طرده أهله من مكة، وخرج مهاجراً إلى المدينة، فأمسك حفنة من ترابها وقال": والله لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت." ولم يهنأ حتى عاد إليها فاتحاً منتصراً ليستقر هناك. حربنا مع الإحتلال الإسرائيلي خير دليل على أهمية الأوطان، فالدماء التي بذلت وتبذل وستبذل لأجله، كل تلك الأرواح التي صعدت لبارئها وكل أولئك الأسرى القابعين وراء القضبان يعانون الشدائد والأهول على أيادي المحتل الغاصب خير دليل على المكانة التي تحتلها الأوطان في داخلنا. من لا وطن له ، لا هوية له، فالوطن هو الرحم الذي ولدنا منه، والأرض التي نتمنى أن نموت عليه وندفن في ثراها، وخلال عيشنا نعمل لرفعتها وبناءها وتقدمها كي يكون وطننا ذو شأن بين الأوطان

حب الوطن

ما أجمل أن نتغنّى بحب الوطن، رغم أننا نعرف أنه لا يوجد كلمات أو قصيدة أو نشيد قد يُعبّر عن حبنا للوطن، واستعدادنا لتقديم أنفس ما نملك فداءً له، فكم من الشهداء قدموا أرواحهم فداء للوطن الذي يحبون. الوطن هذه الكلمة الصغيرة لا تعبر أبداً عن حجمها في قلوب أبناء الوطن. حب الوطن قصيدة، ولحن روحي خالد لا ينتهي بعدد كلمات الأرض، فلا زال الشعراء يتغنّون بأوطانهم منذ أن عرف الأنسان أنّ وطنه هو أغلى ما في الوجود، هذا الوطن الذي يفقد الإنسان خارجه كرامته وإنسانيته، ولأجله يقدم نفسه دون خوف أو مهابة، لأنه يعرف أن الوطن هو حيث كرامته، وكرامة أبنائه. إنّ التغنّي بالوطن هو صورة من صور المواطنة الصالحة، بل أيضاً شكلاً من أشكال ترسيخ الوطن في قلوب المواطنين، هذا الوطن الذي ليس لنا عنه بديل، أرض الأجداد والأباء، وهو حاضرنا ومستقبل الأبناء، وكل ما ننجزه ونحقّقه في حياتنا يكون سعياً لرفعة الوطن وتقدّمه، وهذا ما نسعى له دائما وأبداً، ونحن في سبيل الوطن نقدّم الغالي والرخيص، ونفدي أوطاننا بدمائنا، فكم من شهيد روى بدمه أرض الوطن في سبيل حمايته، وكم من الشباب من هم على أتمّ الجاهزية لحمايته بأرواحهم

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

سوء التغذية

أطفال المشردين والمتسولين